الموسم الدراسي: 2014 -2015
|
مؤسسة دار الحديث الحسنية
الرباط
|
عرض في علم النفس
بعنوان: النبي صلى الله عليه وسلم مربيا.
|
إعداد الطالبين:
عثمان سنغاري؛ وخادم امباكي
|
|
أستاذة المادة:
الأستاذة الدكتور/ خلود السباعي.
|
المقدمة:
إن
علم النفس التربوي فرع نظري وتطبيقي من فروع علم النفس يهتم أساسا بالدراسات
النظرية والإجراءات التطبيقية لمبادئ علم النفس في مجال الدراسة وتربية النشء
وتنمية إمكاناتهم وشخصياتهم، ويركز بصفة خاصة على عمليتي التعلم والتعليم والتدريب
والأسس النفسية لعمل المدرس. وهو يركز أيضا على دراسة
السلوك في مجالات العمل المدرسي وعلى دراسة المبادئ والشروط الأساسية للتعلم، كما
يركز أيضا على الاستعانة بالاختبارات النفسية لقياس ذكاء التلاميذ.
إن
علم النفس التربوي يهدف إلى توفير كم من الحقائق المنظمة والتعميمات التي يمكن أن
تساعد المعلم في تحقيق أهدافه المهنية وتقدير أهمية العلاقات الإنسانية داخل حجرات
الدراسة في بناء شخصيات التلاميذ إلى جانب فهم الأساليب الدقيقة في الحكم وتقدير
نتائج التلاميذ والتواصل إلى القوانين التي تحكم السـلوك مما يساعدنا مستقبـلاً
على التحكم في مواقف مختلفة.
وأما
العلاقة بين علم النفس والتربية فعلاقة وطيدة فإن علم النفس التربوي هو الدراسة
العملية لسلوك المتعلم في أوضاع أو مواقف تربوية وعلم النفس يدرس المشكلات
التربوية دراسة مباشرة وأخذ يبحث في الجوانب النفسية لتلك المشكلات.
ففي
هذا العرض سوف نتناول نماذج تربوية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته
وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، باعتباره صلى الله عليه وسلم أكبر مرب لم يعرف
التاريخ مثله.
النموذج
الأول: التنوع في أساليب العرض على المرَبَين:
1/
الجمع بين أساليب التعلم الفردي والجماعي:
يوجد
في كثير من النصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً مع أصحابه، كما في حديث
عمر بن الخطاب رضي الله عنه "بينما
نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب
شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي -صلى الله
عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام...."[1] فهذا نموذج للتعليم الجماعي.
وأما
التعليم الفردي فنماذجه كثيرة، قال ابن مسعود رضي الله عنه "علمني رسول الله
صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه" [2]
ماذا نلاحظ هنا؟
نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بدعم
أصحابه بما ينمي عقولهم وفكرهم وتمكينهم حتى يتمكنوا من الاستقلالية فكريا من كل
ملبسات خارجية أخرى وبلغ إلى حد لن يحتاجوا إلى مساعدة تفوق ما قدمها الرسول لهم.
2/ التطبيق العملي أمام المربين:
الأداء
العملي النموذجي أمام المرَبَين أوقع في النفس وأثبت من القول؛ لأنه يثبت في الذهن
بصور أوسع وأثبت، لذا اهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الوسيلة لما لها من
أهمية في التعليم، وبخاصة في تعليم أصحابه الأمور العملية. ما رواه عبدالله بن
عمرو أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟
فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً،
ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه،
وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال:" هكذا الوضوء،
فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم - أو ظلم وأساء ".[3]
فهنا
ينبغي على المربي أن يقرن القول بالفعل؛ لأنه أبلغ في إيصال رسالته إلى المربين، فإذا
امتزج القول بالتطبيق ساعد على ترسيخ المفاهيم في أذهان المربين مما يساعد على
سهولة تطبيقهم لما تعلموه.
3/
استخدام الرسومات التوضيحية لجلب الانتباه:
رسم
الخطوط يساعد على تقريب المفاهيم إلى السامعين لأنه يقرن بين حاستي السمع والبصر،
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخدم هذه الوسيلة لتقريب ما أراد توصيله إلى
السامعين، ومن الشواهد الدالة على هذا ما رواه البخاري عن أبي
مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه
وسلم خطا مربعا، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه فقال: هذا
الإنسان وهذا أجله محيطا به – أو قد حاط
به –وهذا الذي خارج أملِه، وهذه الخطط
الصغار الأعراض، فإن اخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا. [4]
وهذا موقف آخر
استعمل النبي فيه الرسومات التوضيحية، رواه الإمام
احمد والدارمي، وصححه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله صلى
الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال هذا سبيل الله مستقيما وخط
عن يمينه وشماله ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيلا إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله "[5]
الأنعام –153.
ولهذه
الوسيلة أهمية قصوى لأن التمثيل يجعل المقصود من المعنى كالمحسوس فعلى المربي أن
يقتدي بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويسعى إلى استخدام الرسوم التوضيحية
التي تشرح الفكرة أو تفسرها، وتُعنى بالترتيب وبالعلاقات بين الشكل وأجزائه وتوضح
قيمة كلٍّ منهما بالنسبة للآخر
4/
أسلوب الإقناع العقلي:
روى
أحمد عن أبي أمامه قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،
ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه. فقال: " ادنه، فدنا
منه قريبا ". قال: فجلس قال: " أتحبه لأمك؟ " قال: لا. والله جعلني
الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ". قال: " أفتحبه
لابنتك؟ " قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: " ولا
الناس يحبونه لبناتهم ". قال: " أفتحبه لأختك؟ " قال: لا. والله جعلني
الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لأخواتهم ". قال: " أفتحبه
لعمتك؟ " قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه
لعماتهم ". قال: " أفتحبه لخالتك؟ " قال: لا. والله جعلني الله
فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لخالاتهم ". قال: فوضع يده عليه وقال:
" اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه " قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى
يلتفت إلى شيء. وما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال ما ألوانها؟ قال:
حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى ذلك؟ قال: نزعه عرق؟، قال: فلعل
ابنك هذا نزعة؟[6]
نلاحظ هنا أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- في هذا الحديث لم يكتفِ بدرجةٍ قليلة من الإقناع، بل مارس معه
تأكيد الإقناع ـ إن صح التعبير ـ وكان يكفي قوله: أتحبه لأمك، لكنه عدد محارمه
زيادة في الإقناع، ودلالة على أن ما قد يأتي من النساء لا تخلو أن تكون أماً لأحدٍ
أو بنتاً أو عمة أو خالة.
5/ التعليم بأسلوب القصص:
تعتمد القصة على الرواية والتشويق جذباً للسامعين
وتهيئة لهم لسماع ما يريد المعلم قوله مما يعين على فهم المعنى وتقريره في نفوسهم. وقد استخدم
الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب القصة في مواضع كثيرة، ومن ذلك ما ورد في الصحيح
من قصة الثلاثة الذين خرجوا يمشون، فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل فحطَّتْ
عليهم صخرة فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه. فأخذ كل واحد منهم
يتحدث عن أفضل عمل عمله، وفي كل مرة يتحدث بها أحدهم يفرج الله عنهم فرجة، حتى
انتهى الثالث من رواية عمله، فكشف الله عنهم.
وهناك
الكثير من القصص التعليمية كقصة الأبرص والأعرج والأعمى، وغيرها مما لا يتسع
المجال لسرده تدل على أهمية هذا الأسلوب في إيصال القيم والمفاهيم.
6/
التعليم عن طريق ضرب الأمثال:
إن
ضرب الأمثال يساعد على إبراز المعنى في صورة رائعة لها وقعها في النفس سواء كانت
تشبيهاً أو قولاً مرسلاً. والتمثيل: هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية
تستقر في الأذهان بتشبيه الغائب بالحاضر والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على
النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالاً، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس
له وإقناع العقل به. ونبينا صلى الله عليه وسلم نجده أسبق الناس إليه؛[7]
أخرج
البخاري عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال " مثل المؤمن
الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ
كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن
كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها
طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر
" [8]
7/
توضيح المسائل عن طريق التعليل:
ما
رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا وقع الذباب في إناء أحدكم
فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في إحدى جناحه داء وفي الآخر شفاء "[9]
وقد " عقد ابن القيم فصلاً في كتابة أعلام الموقعين ساق فيه بعض ما ورد في
السنة من تعليل الأحكام ".
النموذج
الثاني: ترسيخ المفاهيم وربطها:
1/
البعد عن المشتتات أثناء العرض:
روى
البخاري وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما
النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال،
وقال بعضهم: بل لم بسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين
أراه السائل عن الساعة، قال: ها أنا يا رسول الله قال: " فإذا ضيعت الأمانة
فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة[10]
2/
الربط بين المواقف التعليمية:
روى
البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا
امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته.
فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا وهي تقدر
على أن لا تطرحه. فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها. [11]
3/
الحث على المراجعة والحفظ:
روى
البخاري عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي
بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها.[12]
4/ التشجيع والثناء:
سأل أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً: من
أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم "لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن
هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث"[13]
فتخيل معي أخي العزيز موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه
الشهادة من أستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم. بحرصه على العلم، بل
وتفوقه على الكثير من أقرانه. وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص
والاجتهاد والعناية.
إن الأمر قد لا يعدو كلمة ثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب
في سلم الحرص والاجتهاد. والنفس أياً كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز.
ويدفعها ثناء الناس -المنضبط- خطوات أكثر.
والتشجيع والثناء حث للآخرين، ودعوة غير مباشرة لهم لأن يسلكوا هذا
الرجل الذي توجه الثناء له.
النموذج
الثالث: التشويق وتنويع المثيرات والاستجابات:
1/
التغيير والتنويع في نبرات الصوت:
عن
جعفر بإسناده فقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر الساعة اشتد غضبه وارتفع
صوته واحمرت وجنتاه كأنه نذير جيش صبحتكم مستكم. [14]
2/
تكرار الكلام إذا اقتضى المقام، وتجنبه بلا داع:
روى
البخاري وأحمد بن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى
تفهم عنه[15] "
يقول
المباركفوري: والمراد أنه كان صلى الله عليه وسلم يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى
المقام وذلك لصعوبة المعنى أو غرابته أو كثرة السامعين لا دائماً فإن تكرير الكلام
من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة.
3/
التعليم بالقدوة
فالرسول
صلى الله عليه وسلم كان قدوةً للبشرية كلها كما قال تعالى "لقد جاءكم
رسولٌ من أنفسكم"، وحينما سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلق
النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (كان خلقة القرآن)، فقد كان صلى الله عليه وسلم
يمثل التطبيق العملي لآي الذكر الحكيم وهذا ما علّمه للصحابة رضوان الله عليه، عن
ابن مسعود قال: "كان الرجل منا إذا تعلّم عشرَ آياتٍ لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن
والعمل بهن.[16]
4/
البعد عن التعنّت والإملال:
لقد
كان صلى الله عليه وسلم يقتصد في تعليمه وييسِّر على الناس: ما خير رسول الله صلى
الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد
الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله،
فينتقم لله بها. [17]
كما
كان يدفع الملل عن الصحابة ويروِّح عنهم تارة بالطرفة، وتارة بالأحاجي التي تثير
الذهن، وهو بذلك يراعي الحالة النفسية للمتعلم. عن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهِيَةَ
السَّآمَةِ عَلَيْنَا.[18]
5/
مراعاة الفروق الفردية:
ليس
الناس سواسيةً في الفهم والتعلم، فكلٌّ يأخذ من العلم قدرَ عقله وحسب ما يحتاجه،
وهذا ما كان –صلى الله عليه وسلم- يراعيه
في تعليم الناس، فتارةً يسأله رجلٌ عن وصية ينتفع بها فيقول له: تقوى الله، ويسأله
آخر السؤال نفسه فيقول: لا تغضب، وثالثٌ يقول له: أمسك عليك لسانك، ورابعٌ يقول
له: 'تُطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفتَ ومن لم تعرف' فهو يراعي بذلك حالةَ
كلِّ سائل، وما في إمكاناته.
6/
الحوار والمناقشة:
يساعدنا هذا الأسلوب على شحذ الأذهان وتشويق
النفوس لمعرفة المسألة المطلوبة وإثارة عنصر التحدي والترقب لدى المتعلم. وقد
أصبحت طريقة الحوار والمناقشة وإثارة الأسئلة من أهم طرق التدريس الحديثة، بكونها
تثير الاهتمام، وتدعو إلى التفكير اللذين يعدان من أهم خطوات التعلم.
وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا
الأسلوب مرات كثيرة إما من خلال طرح السؤال ليجيب عنه المتعلمون، إن استطاعوا، أو
ينتظروا ليسمعوا الإجابة منه صلى الله عليه وسلم. ومما يؤكد ذلك أن الإمام البخاري رحمه الله خصص
باباً في صحيحه تحت عنوان " باب طرح الإمام المسألة ليختبر ما عندهم من العلم
"، وأخرج فيه حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مَثَلُ المسلم،
حَدِّثوني ما هي؟! " فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة.
قال عبد الله: فاستحييت. فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها.
فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "هي النخلة". ال عبد الله: فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي. فقال: لأن تكون قلتها أحب إليّ من أن يكون لي كذا
وكذا.
خاتمة:
وبناء على ما سبق كان
صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه بالقدوة الحيّة الماثلة فيه صلى الله عليه وسلم،
فكان يدعوهم الى تقوى الله وهو أتقاهم، وينهاهم عن الشيء فيكون أشدّهم حذرا منه،
ويعظهم ودموعه على خدّه الشريف، ويوصيهم بأحسن الخلق، فإذا هو أحسنهم خلقا،
ويندبهم الى ذكر الله وإذا به أكثرهم ذكرا، ويناديهم الى البذل والعطاء ثم يكون
أسخاهم يدا وأكرمهم نفسا، وينصحهم بحسن العشرة مع الأهل، ثم تجده أحسن الناس لأهله
رحمة وعطفا ورقة ولطفا.
والعجيب
توصّله صلى الله عليه وسلم الى غرس هذه الفضيلة في نفوس أصحابه غرسا بقي بقاء
حياتهم، ودام دوام أعمارهم ونقله الأتباع عنهم، وأتباع الأتباع عن الأتباع الى
اليوم، فكان إذا لقيه الرجل يوما من الدهر أو ساعة من الزمن وآمن به، ترك عليه من
الأثر ما يبقى ملازما له حتى الموت، فكأن ليس في حياة هذا الرجل إلا ذلك اليوم أو
تلك الساعة التي لقي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما
ذاك إلا لصدق نبوته عليه الصلاة والسلام وبركة دعوته، وعظيم إخلاصه وجلالة خلقه
ونبل فضائله.
إعداد
الطالبين:
1/
عثمان سنغاري. 2/ خادم امباكي.
الفصل
الثالث العالي المعمق.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire